دعوى إزالة الشيوع في القانون اللبناني

دراسة قانونية حول دعوى إزالة الشيوع في القانون اللبناني
مقدمة
تتناول هذه الدراسة القانونية موضوع الشيوع وإزالته في القانون اللبناني، وهو موضوع ذو أهمية بالغة في المعاملات العقارية. يهدف هذا البحث إلى استعراض النصوص القانونية ذات الصلة، وتحليلها، وتتبع كيفية تطبيقها من قبل المحاكم اللبنانية، وذلك من خلال دراسة الاجتهادات القضائية ذات الصلة.
أولاً: النصوص القانونية ذات الصلة
قانون الموجبات والعقود
المادة 840: لا يجبر أحد على البقاء في الشيوع، فلكل شريك أن يطلب القسمة، ولكن للمحكمة أن توقف دعوى القسمة مؤقتاً إذا تحقق لديها عدم ملاءمة الظروف لإجرائها
المادة 841: تجيز الاتفاق على البقاء في الشيوع لمدة معينة أقصاها خمس سنوات، وتتناول حق المحكمة في الأمر بحل الشركة والقسمة أثناء المدة المتفق عليها
المادة 843: تنص على أن حكم مرور الزمن لا يسري على دعوى طلب القسمة
المادة 941: تجيز للشركاء الاتفاق على القسمة بالطريقة التي يرونها
المادة 942: اذا اختلف الشركاء على القسمة او كان بينهم غير ذي اهلية او غائب غيبة متقطعة ولم يصادق القاضي على القسمة الرضائية كان لكل من الشركاء ان يقيم الدعوى امام المحكمة بوجه جميع الشركاء واصحاب الحقوق العينية المدرجة اسماؤهم في السجل العقاري او في كشف المختار في العقارات غير المحررة والمحددة.
وعلى المحكمة ان تستعين باهل الخبرة لتقويم المال الشائع وقسمته عينا دون ان تفوت على احد الشركاء المنفعة المقصودة منه قبل القسمة مع مراعاة خصائص كل قسم وتامين استقلاله بقدر الامكان بحقوق الارتفاق.
ويجب ان تراعى ايضا القواعد الاتية:
م 1- في العقارات المتلاصقة- تعين انصبة الشركاء بطريقة الضم والفرز
م 2- في العقارات غير المتلاصقة- ينظر اليها كأنها مجتمعة وتعين الانصبة على اساس قيمتها وبصورة يمكن معها ان يختص واحد او اكثر من الشركاء بقطة او عدة قطع
م 3- في حالة ضآلة الحصص- واستحالة تعيين الانصبة على اساس اصغرها يمكن الجمع بين الحصص الضئيلة وضمها الى نصيب واحد او اكثر
م 4- في حال التفاوت بين الانصبة- يجري تعديلها بالنقد لغاية الخمس من قيمتها
م 5- يجري اختيار الانصبة- بطريقة القرعة ما لم يكن لاحد الشركاء عقار ملاصق للعقار المشترك فيعطى نصيبه من القسم الملاصق
وعلى القاضي ان يعين طريقة القرعة مراعيا مصلحة الشركاء فيما تستلزمه من جمع انصبة كل منهم او تفريقها
م 6- اذا استحالت القسمة عينا- يصار الى بيع المال بالمزاد العلني وفاقا لاحكام قانون التنفيذ بواسطة دائرة الاجراء على ان يتخذ بدل التخمين اساسا للمزايدة الاولى. ويمكن حصر المزايدة بين الشركاء اذا اتفقوا على ذلك
المادة 946: يعد كل متقاسم كانه مالك في الاصل للاشياء التي خرجت في نصيبه او التي اشتراها بالمزاد عند بيع المال المشترك، وكانه لم يكن مالكا قط لسائر الاشياء
قانون رقم 16 ، صادر في 6/3/1982، تحديد أصول موجزة لإزالة الشيوع
المادة 1: تخول لكل مالك في عقار شائع تتعذر فيه القسمة الرضائية أن يطلب إزالة الشيوع وفقاً للأصول المحددة في هذا القانون
المادة 2: يقدم طلب إزالة الشيوع الى المحكمة البدائية الواقع في نطاقها العقار أو العقارات بشكل استدعاء يبلغ الى سائر الشركاء في الملك والى أصحاب الحقوق العينية والى أمانة السجل العقاري المختصة لأجل وضع إشارته على صحيفة العقار أو العقارات المعنية
المادة 4: تخول سائر الشركاء في الملك وأصحاب الحقوق العينية حق إبداء ملاحظاتهم على طلب إزالة الشيوع، وتتناول أصول التبليغ في هذه الحالة، وتعيين وصي أو ولي خاص لتمثيل القاصرين أو فاقدي الأهلية أو الوقف
المادة 6: تصدر المحكمة البدائية في غرفة المذاكرة حكمها النهائي بقسمة العقار عينا إذا كان قابلا للقسمة، وفي حال تعذر قسمته عينا تقرر إنشاء شركة عقارية مساهمة بناء على طلب شركاء يملكون واحد وخمسين بالمئة على الأقل، فإن لم تجتمع هذه الأكثرية على إنشاء شركة يصار الى بيع العقار بالمزاد العلني
إذا تقرر انشاء الشركة العقارية وكان بين الشركات الذين لم يوافقوا على إنشائها من يملك حصة تقبل القسمة عينا والإفراز بالاستناد الى تقارير الخبراء، فله أن يطلب ذلك ويصار الى تنفيذ طلبه بإشراف المحكمة وفقا للقوانين المرعية الاجراء
يتقيد الإفراز لقسمة العقار بجميع الشروط المنصوص عنها في قانون التنظيم المدني الصادر بتاريخ 24/9/1962 وتعديلاته خاصة المادة 26 المعدلة منه وجميع الانظمة المتخذة عملا بأحكامه دون أن تتناقض مع روحية هذه النصوص
يبلغ قرار المحكمة الى أصحاب العلاقة وفقا للأصول المحددة في المواد الثانية والثالثة والرابعة أعلاه، ويتوجب على الشريك في الملك الذي يريد الاستفادة من حق قسمة وإفراز حصته عينا أن يعلن رغبته خطيا باستدعاء يقدم الى المحكمة في مهلة 15 يوما من تاريخ التبليغ تحت طائلة سقوط هذا الحق
المادة 16: عند تقديم طلب إزالة الشيوع يستوفى عن هذا الطلب رسم مقطوع وإذا اقترن هذا الطلب بحكم نهائي يقضي بتأسيس شركة عقارية مغفلة يتوجب على هذه الاخيرة فور إتمام تأسيسها نهائيا أن تسدد للخزينة اللبنانية رسما قدره ثلاثة بالمئة من قيمة رأسمالها، وعند تسديد الرسم المذكور تنتقل ملكية المقدمات العينية الحاصلة للشركة على اسمها في الدوائر العقارية دون ان يترتب عليها أي رسم مالي أو عقاري آخر
المرسوم الاشتراعي رقم 88//1983 (تنظيم الملكية المشتركة في العقارات المبنية)
المادة 76 : في حال وجود عقار مبني ومملوك على الشيوع موضوع دعوى قسمة ولم يكن بالإمكان القسمة عيناً على وجه من الوجوه المعينة في المادة 942 المعدلة من قانون الموجبات والعقود ولم يصبح موضوعاً لشركة مساهمة بحسب قانون إزالة الشيوع في العقارات الصادر في 16/3/1982 على المحكمة قسمته بين الشركاء بإخضاعه لنظام الملكية المشتركة موضوع هذا المرسوم الاشتراعي أن طلب ذلك أكثرية شركاء الشيوع وكانوا يملكون أكثر من نصف الأسهم فيه. ويمكن المحكمة عند الاقتضاء الجمع بين الحصص الضئيلة وضمها إلى نصيب واحد أو أكثر وكذلك تعديل الأنصبة بالنقد لغاية الخمس من قيمتها كما هو مبين في البندين 3 و4 من المادة 942 المذكورة
لإجراء القسمة على الوجه المبين أعلاه تعين المحكمة خبيراً لإجراء توزيعه أقساماً خاصة وأخرى مشتركة واقتراح نظام لإدارة العقار يكمل ما لم ينص عليه في هذا المرسوم الاشتراعي من أحكام، أن توجب وجود النظام قانوناً
ثانياً: الاجتهادات القضائية ذات الصلة
إجتهاد 1 – جواز إقامة دعوى إزالة الشيوع بمعزل عن عدد الشركاء في الملك (محكمة التمييز، الثانية، تاريخ 4/1/1996)
يتناول هذا الحكم مسألة القسمة القضائية سنداً للقانون 16/82، وعدد المالكين، ويؤكد على أن المادة الأولى من القانون رقم 16/82 نصت على إطلاق حق كل مالك في عقار شائع في طلب إزالة الشيوع، ولم تخصص العقارات التي يتعدى مالكوها العشرة، ولا عبرة لما ورد في عنوان القانون
إجتهاد 2 – حق كل شريك في الخروج من الشيوع دون أن يجبر على إثبات فشل القسمة الرضائية (استئناف بيروت، الحادية عشرة، بتاريخ 21/4/1997)
يتناول هذا القرار مسألة حق كل شريك في الخروج من الشيوع دون أن يجبر على إثبات فشل القسمة الرضائية.
يؤكد القرار على أن المادة 840 م.ع. نصت على أنه “لا يجبر أحد على البقاء في الشيوع فلكل شريك أن يطلب القسمة” وأنه استناداً للمادة الأولى من القانون رقم 16/82 والمادة 840 م.ع.، يحق لكل مالك في عقار شائع أن يطلب إزالة الشيوع بصرف النظر عما إذا كان هناك خلاف بين الشركاء أم لا
إجتهاد 3 – طلب القسمة وإجرائها بوجه الورثة (الغرفة الابتدائية في جبل لبنان، الأولى، قرار رقم 205 تاريخ 14/5/1997)
يتناول هذا الاجتهاد مسألة جواز طلب القسمة وإجرائها بوجه الورثة حتى قبل أن يجري نقل الأسهم الموروثة إلى أسهم في السجل العقاري
يقرر الاجتهاد أنه عملاً بالفقرة الثانية من المادة 204 من قانون الملكية، يجوز لأي شريك طلب القسمة ولو كانت حصة الشريك الآخر قد انتقلت إلى ورثته بالوفاة ولو لم تسجّل على أسمهم في السجل العقاري، وفي هذه الحالة تجري قسمة العقار بوجه الورثة وتبقى حصة المتوفى باسمه كما لو كان حيّاً
إجتهاد 4 – إنشاء الشركة العقارية المساهمة مشروط بعدم قابلية العقار لهذه القسمة العينية (محكمة بداية بيروت المدنية، الغرفة الخامسة، حكم تاريخ 20 تشرين الأول 1983)
يتناول هذا الحكم مسألة اتفاق الشركاء على إنشاء شركة مساهمة، ونظر المحكمة في إمكانية فرز البناء إلى حقوق مختلفة، وتقرير الفرز بالرغم من اتفاق الشركاء على إنشاء الشركة المساهمة في حال كانت القسمة العينية ممكنة
يقرر الحكم أنه على الرغم من توافق أصحاب الملك في العقار على عدم قابليته للقسمة العينية، إلا أنه يعود للمحكمة أن تتحقق بواسطة الخبرة الفنية من هذا الأمر، وفي حال الإيجاب فإنه يصار إلى إنشاء «شركة عقارية مساهمة» بناءً على إجماع الشركاء فيه، وفي حال النفي فإنه يصار إلى قسمة العقار عيناً
يؤكد الحكم على أن القسمة العينية هي الأصل في طلب إزالة الشيوع، وأن إنشاء الشركة العقارية المساهمة مشروط بعدم قابلية العقار لهذه القسمة العينية، ويعتبر بمثابة الاستثناء لهذا الأصل، ومثل هذا الاستثناء يجب الأخذ به وتفسيره حصراً
يقرر الحكم أنه إذا تبين أن العقار قابل للإفراز إلى طوابق وشقق عملاً بقانون 24 كانون الأول 1962، فإنه يقتضي القول بقابليته للقسمة وفقاً لأحكام القانون 16/82، وفي مثل هذه الحال لا يجوز تقرير إنشاء شركة عقارية مساهمة
إجتهاد 5 – وجوب تقديم دعوى القسمة بوجه جميع الشركاء وأصحاب الحقوق العينية (استئناف بيروت، الثانية، القرار رقم 1229 تاريخ 17/11/1966)
يتناول هذا القرار مسألة وجوب تقديم دعوى القسمة بوجه جميع الشركاء تحت طائلة ردها شكلاً.
وفقاً لأحكام المادة 942 موجبات، يجب أن تقدم دعوى القسمة بوجه جميع الشركاء في الملك وأصحاب الحقوق العينية، والإخلال بهذا الموجب يؤدي إلى رد الدعوى شكلاً إذا لم تصحح الخصومة ولم تستكمل الشكليات قبل ختام المحاكمة وصدور الحكم، وإذا لم يجر التصحيح في الدعوى البدائية فلا يعود بالإمكان طلب إجراء التصحيح في المرحلة الاستئنافية.
إجتهاد 6 – لا يباع العقار بالمزاد العلني إلا إذا كان غير قابل للقسمة (استئناف جبل لبنان، الأولى، قرار رقم 39 تاريخ 11/2/1972)
يتناول هذا القرار مسألة أنه لا يباع العقار بالمزاد العلني إلا إذا كان غير قابل للقسمة.
إن المادة 942 موجبات وعقود تنص على أنه إذا اختلف الشركاء على القسمة أو كان بينهم غير ذي أهلية أو غائب غيبة منقطعة كان لكل من الشركاء أن يقيم الدعوى أمام المحكمة بوجه جميع الشركاء وعلى المحكمة أن تستعين بأهل الخبرة لتقويم المال الشائع وقسمته عيناً، وحيث أن الفقرة السادسة من المادة المذكورة تنص على انه إذا استحالت القسمة عيناً يصار إلى بيع المال بالمزاد العلني وفقاً لأحكام قانون للتنفيذ بواسطة دائرة الاجراء
لا يكفي أن يحصل اتفاق بين بعض الشركاء على البيع بالمزاد العلني ولا يكفي أن يتغيب باقي الشركاء عن المحاكمة ليتقيدوا في حكم الموافقة على البيع بالمزاد العلني لأن المادة 942 موجبات وعقود أوجبت اللجوء إلى القسمة القضائية في حال وجود غائبين وذلك للحفاظ على حقوقهم وأوجبت القسمة عينا في حال قابلية العقارات للقسمة ولم تجز إجراء البيع بالمزاد العلني إلا في حال استحالة القسمة عينا.
إجتهاد 7 – لا يلزم الشريك على ضم حصته الضئيلة إلى حصص أخرى (استئناف بيروت القرار رقم 1013 تاريخ 16 آب 1962)
يتناول هذا القرار مسألة عدم إلزام الشريك على ضم حصته الضئيلة إلى حصص أخرى.
إذا كانت المادة 942 موجبات قالت بإمكانية الجمع بين الحصص الضئيلة وضمها إلى نصيب واحد أو أكثر فإن ذلك لا يكون الزامياً بالنسبة للشريك الذي لا يريد ضم حصته إلى حصة أخرى لأنه لا يجبر أحد على البقاء في الشيوع
إجتهاد 8 – جواز جمع الحصص الضئيلة إذا وافق أصحابها (محكمة التمييز، الثالثة، اعدادي رقم 6 تاريخ 13/2/1968)
يتناول هذا الاجتهاد مسألة جواز جمع الحصص الضئيلة إذا وافق أصحابها
من الرجوع إلى أحكام المادة 942 موجبات وعقود يتضح أن الأصل هو اجراء القسمة علينا إلا إذا ان حصولها يفوت المنفعة من الشيء المشترك بعد تجزئته، وان الأحكام الواردة فيها وخاصة الفقرة 3 تقضي، عند تعدد العقارات أو الأقسام المشتركة، بأن تجري القسمة بطريقة قسمة الجمع بالنسبة للحصص القليلة بحيث يختص كل شريك بعقار أو أكثر مستقل وان امتنع ذلك بالنسبة لضآلة الحصص فعلى المحكمة اللجوء إلى جمع الحصص الضئيلة كأنها حصة واحدة بحيث يختص أصحابها بعقار واحد أو أكثر من العقارات المراد قسمتها؛ فإذا وافق أصحاب الحصص الضئيلة على تجميع حصصهم كأنها حصة واحدة وابقاء ما يخرج بنصيبهم شائعاً بينهم، فهذا الأمر لا يخالف الأحكام القانونية المار ذكرها بل يتوافق معها
ثالثاً: تحليل النصوص القانونية والاجتهادات القضائية
من خلال استعراض النصوص القانونية والاجتهادات القضائية ذات الصلة، يمكن استخلاص النقاط التالية:
نطاق تطبيق القانون رقم 16/82: يطبق القانون رقم 16/82 على جميع العقارات الشائعة، بغض النظر عن عدد المالكين، وذلك وفقاً لما استقر عليه الاجتهاد القضائي.
حق الشريك في طلب إزالة الشيوع: يحق لكل شريك في عقار شائع أن يطلب إزالة الشيوع، ولا يشترط وجود خلاف بين الشركاء للجوء إلى طلب القسمة.
القسمة العينية كأصل: القسمة العينية هي الأصل في طلب إزالة الشيوع، ولا يجوز اللجوء إلى بيع العقار بالمزاد العلني إلا إذا استحالت القسمة عيناً.
قسمة العقار المبني: إذا كان العقار مبنياً، فيجب على المحكمة أن تتحقق من إمكانية فرز البناء إلى حقوق مختلفة، وفي حال الإمكان، يصار إلى قسمة العقار عيناً، ولا يجوز تقرير إنشاء شركة عقارية مساهمة.
دعوى القسمة: يجب تقديم دعوى القسمة بوجه جميع الشركاء في الملك وأصحاب الحقوق العينية، والإخلال بهذا الموجب يؤدي إلى رد الدعوى شكلاً.
الحصص الضئيلة: لا يلزم الشريك على ضم حصته الضئيلة إلى حصص أخرى، ويجوز جمع الحصص الضئيلة إذا وافق أصحابها.
رابعاً: خاتمة
تعتبر مسألة الشيوع وإزالته من المسائل القانونية المعقدة التي تتطلب دراسة متأنية للنصوص القانونية والاجتهادات القضائية ذات الصلة. وقد هدفت هذه الدراسة إلى تقديم تحليل شامل لهذه المسألة، مع التركيز على كيفية تطبيق المحاكم اللبنانية للنصوص القانونية ذات الصلة.